حين تكلم أخنوش حتى قلنا "يا ليته سكت"!

 حين تكلم أخنوش حتى قلنا "يا ليته سكت"!
الصحيفة - افتتاحية
السبت 22 يناير 2022 - 12:38

حين سُئل رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، في ظهوره الإعلامي الأول منذ تصدر حزبه لانتخابات 8 شتنبر 2021، عن شعاره للمائة يوم الأولى من عمل الحكومة الحالية، كان جوابه "إشاراتٌ واضحة للوفاء بالالتزامات"، وهو عنوان لا يمكن إلا أن يُوصف بالمعاكس للواقع بشهادة أخنوش نفسه، لأن أول "نكسة" في مسلسل طويل وسريع من النكسات المتلاحقة التي "أبدعت" الحكومة الحالية في اقترافها كان هو عجزها عن التواصل مع المواطنين الذين انتخبوها، بعدما نجح الحزب الأول في إقناعهم ذات مرة أنهم "يستاهلوا احسن".

ظهر أخنوش على شاشتي القناتين الأولى والثانية بعد اختفاء طويل، وبغض النظر عن أنه اختار - لغاية في نفسه - ألا يكون ظهور على المباشر، إلا أن الكثيرين كانوا يتوقعون منه الإجابة عن أسئلة أصابت المغاربة بـ"الدوخة"، وأن يشرح قرارات أصابتهم بـ"الفقصة".. صحيح أن لا أحد تقريبا كان ينتظر "الفُرجة" التي كان يضمنها عبد الإله بن كيران، لكن حتى أسلوب سعد الدين العثماني الجاف كان ليروي ظمأ الناس تواصليا في زمن صار يتحتم عليهم فيه السمع والطاعة والتنفيذ دون فهم ولا موافقة ولا حق في الاحتجاج، بعلة الجائحة.

لكن ظهور رئيس الحكومة كان "أخنوشيا" بامتياز... فالرجل الذي كان يظهر في التجمعات الخطابية لحزب التجمع الوطني للأحرار وهو عاجز عن تكوين جملتين متتاليتين بالدارجة دون ارتباك ودون أخطاء، هو ذاته الذي واجه كاميرات التلفزيون ببدلة رئيس الحكومة، معتمدا اللهجة نفسها، بل وفي أحيان كثيرة أسوأ منها في المبنى والمعنى، حتى صار "تكتيك" خرجته الإعلامية هو طرح الأسئلة أكثر من محاوريه معا، وبدل أن يعرض الحلول أضحى يلقي الأماني ويدعو للانتظار ويرتبك في تحديد المسؤوليات، وكأن الأمر يتعلق برجل يسمع أخبار الحكومة من بعيد لا برئيسها عينه.

قال أخنوش إنه لا زال على "عهده" بحيث يتفادى الكلام الكثير ويفضل أن يشتغل أكثر، والحال هو أن ما طُرح أمامه من استفسارات كان يرتبط بعمله لا بكلامه، ومن ذلك السقطات المتتالية لحكومته، على غرار تعاملها مع الموجة الثالثة من الوباء التي يطغى عليها متحور "أوميكرون".. ولا نفهم حقا كيف أن رئيس الحكومة لم ينتبه إلى التناقض الذي وقع فيه حين اعترف بأن هذا الفيروس حاليا موجود في كل بيت، وفي الوقت نفسه دافع عن قرار إغلاق الحدود الجوية الذي اتخذ أساسا، وفق حكومته، لمنع تسلل الفيروس إلى المملكة.

ولم نسمع من أخنوش، في هذا النقطة تحديدا، لا تفسيرا شفويا ولا عمليا لما يحصل، فبالنسبة إليه إغلاق الحدود كان قرارا صائبا في وقته لأننا لم نكن نعرف ما سنواجه، أما الآن "يظهر أنه ليس له تأثير كبير، وأنه حاليا انتشر"، هكذا، بهذه الصيغة في جملة واحدة، قبل أن يضيف "المواطنون يطرحون الأسئلة بخصوص ذلك ونحن أيضا كحكومة نطرح نفس الأسئلة"، وكأن الأولى و"دوزيم" استضافتا مواطنا كان يسير في الشارع ليعبر عن رأيه في "ميكرو طروطوار" لا رئيس حكومة يعرض حصيلته الشهور الأولى لعمله في أهم قضية تشغل بال المغاربة منذ مارس من سنة 2020.

ويبدو أن أخنوش جاء إلى بلاتو الحوار دون أن يراجع "دروسه" جيدا، وإلا فإن التفسير الآخر هو أن الرجل "خارج التغطية"، فكيف نفسر مثلا حديثه عن أن اللجنة العلمية تتخذ القرار وأنه كرئيس حكومة ملزم بتطبيقه؟ في حين أن وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب نفسه أكد أن القرار النهائي بيد الحكومة، كما أن أعضاء اللجنة العلمية أنفسهم وقبلهم منظمة الصحة العالمية أكدوا على أن الإغلاق الجوي لا معنى له، بل كيف فات أخنوش أن يجيب عن السؤالين الأهم: لو أن الإغلاق ذو جدوى، فكيف تسلل "أوميكرون" حتى غزا المملكة؟ أما لو أنه بدون جدوى، فلماذا الإصرار على استمرار الإغلاق؟.

وبدون مبالغة، تحولت خرجة أخنوش في الكثير من الأحيان إلى مشهد سريالي يصعب فهمه أو حتى تحديد ملامحه، فالرجل الذي يترأس الجهاز التنفيذي في المملكة، لا يعرف كيف يمكن حل مأساة المغاربة العالقين في الخارج ويطلب الانتظار وفقط، ولا يعرف كيف سيقدم الفلاحون مساهماتهم بخصوص تنزيل ورش الحماية الاجتماعي، ولا يملك خارطة طريق واضحة لإصلاح صناديق التقاعد التي يعترف بأنها ستصل إلى الكارثة في سنة 2028.

وكلما وجد رئيس الحكومة نفسه محاصرا بأسئلة لا يعرف جوابها، أدخل نفسه وأدخلنا معه في دوامة الكلام المُرسل وخطابِ الأمنيات، فعوض الإجابة عن مدى قانونية منع من تجاوزوا 30 عاما من اجتياز مباريات التعليم والأزمة الاجتماعية التي يهدد هذا القرار بإحداثها، يقول "بغينا التعليم كمهنة ماشي حيت وقت شي حاجة"، بهذه الصيغة، أما قضية الأساتذة المتعاقدين أطر الأكاديميات، فهو لا يعلم ما هي "الحلول المبتكرة" التي يمكن أن تنهي هذه الأزمة ويجيب "كيقولوا من هنا للصيف يمكن نوصلوا لحلول"، رغم أن الناطق باسم حكومته كان قد تعهد بالإعلان عن الحل قبل متم شهر أكتوبر، وحين ووجه بكلام والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري عن أن الأبناك ترفض ثلث المشاريع المقدمة في إطار برنامج "انطلاقة"  كان جوابه نصا "هو برنامج مهم لدعم المقاولة، كنتمناو أنه يكون هناك نقاش وحوار والوقوف ديال صاحب الجلالة باش هاد البرنامج يستمر في السنوات المقبلة".

لا أحد كان يتوقع من أخنوش أن يكون "وحشا" في مجال التواصل، إذ فوق طاقتك لا تُلام، وطاقة أخنوش هي تسيير هولدينغ ضخم اسمه "آكوا" لا قيادة الحزب الذي يتصدر المشهد السياسي، لكن بما أنه سعى بإلحاح لمنصب رئيس الحكومة، كان الكثيرون ينتظرون خروجه الإعلامي ليفهموا بعض الأمور التي عجزوا عن فهمها، وأن يبعث، على الأقل، رسائل طمأنة لمن صوتوا بكثافة على حزبه وعلى الأحزاب التي تُشكل معه الأغلبية، أملا في تجاوز مرحلة لم تكن إلى وقت قريب تلقى الكثير من الأسف على مُضِيِّها، وفعلا فقد تكلم أخنوش لساعة وربع.. لكنه تكلم بهمهمات لا تُجدي ولا تَنفع ولا تُفهم.. تكلم حتى قلنا "يا ليته سكت"!.

النظام الجزائري.. ووهم القوة !

صَرَف النظام الجزائري ما يزيد عن 350 مليون دولار عن استعراض عسكري دام ساعتين بمناسية الذكرى 70 لـ"الثورة الجزائرية". كل هذا المبلغ الضخم صُرف من خزينة الدولة، فقط، ليرسخ صورة ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...